انا كلما دعوت يحدث العكس، مثلا انا دعوت ربي ان يحافظ على صحتي اصبحت مريضا
مرضا شديدا، ودعوت ربي ان يوفقني ففشلت مع انى عملت ما علي و زيادة، وكلما
انتظم في الصلاة واذكار الصباح والمساء التي فيها ان الانسان اذا قراها لم يصبه حزن
في هذا اليوم تراكم الحزن علي، وخسرت مالا ودرجات، واليوم الذي لا اصلي فيه يكون
عاديا؟
الاجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فنسال الله عز وجل ان يعافيك ويذهب حزنك ويدخل السرور على قلبك. ونوصيك بعدم الاسترسال
مع وساوس الشيطان؛ فانه يريد ان يصدك عن ذكر الله وعن الصلاة، والالتجاء الى الله،
ولتحسن الظن بربك الكريم، ففي الحديث القدسي: انا عند ظن عبدي بي فان ظن بي
خيرا فله، وان ظن بي شرا فله. رواه احمد. وصححه الالباني.
واعلم ان استجابة الله تعالى لمن دعاه ثابتة، فقد قال الله تعالى: وقال ربكم ادعوني
استجب لكم {غافر:60}،
وقال سبحانه: واذا سالك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}
فمن استجاب لله تعالى في امره ونهيه، وصدق بوعده وامن به، فقد تحققت له شروط
استجابة الدعاء وانتفت عنه موانع الاجابة، فلن يخلف الله تعالى وعده. ولكن هذه الاستجابة قد
تتم باعطاء العبد ما يريده الان، وقد يختار الله تعالى له -رحمة به ومراعاة للاصلح
له- غير ذلك من انواع الاجابة، فقد يدفع عنه البلاء، وقد يدخر له في الاخرة،
فهو سبحانه وتعالى اعلم بمصالح العباد، وارحم بهم من انفسهم واهلهم. فعن ابي سعيد الخدري
رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يدعو بدعوة
ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم الا اعطاه الله بها احدى ثلاث: اما ان يعجل
له دعوته، واما ان يدخرها في الاخرة، واما ان يصرف عنه من السوء مثلها. قالوا:
اذا نكثر، قال: الله اكثر. رواه احمد والحاكم. وصححه الالباني
وشروط اجابة الدعاء ثلاثة:
الاول: دعاء الله وحده لا شريك له بصدق واخلاص، لان الدعاء عبادة.
الثاني: الا يدعو المرء باثم او قطيعة رحم، والا يستعجل؛ لما رواه مسلم عن ابي
هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يستجاب للعبد ما
لم يدع باثم او قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال
؟ قال : يقول : قد دعوت، وقد دعوت فلم ار يستجاب لي، فيستحسر عند
ذلك ويدع الدعاء .
الثالث: ان يدعو بقلب حاضر، موقن بالاجابة، ويحسن ظنه بربه، لما رواه الترمذي والحاكم وحسنه
الالباني عن ابي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة، واعلموا ان الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل
لاه .
ومن اداب الدعاء: افتتاحه بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله
عليه وسلم، وختمه بذلك، ورفع اليدين، وعدم التردد، بل ينبغي للداعي ان يعزم على الله
ويلح عليه، وكذلك تحري اوقات الاجابة كالثلث الاخير من الليل، وبين الاذان والاقامة، وعند الافطار
من الصيام، وغير ذلك .
ومن اهم اسباب اجابة الدعاء تحري الحلال في الماكل والمشرب، ففي صحيح مسلم عن ابي
هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ايها الناس ان الله طيب لا
يقبل الا طيبا، وان الله امر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال: يا ايها الرسل
كلوا من الطيبات واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم، وقال: يا ايها الذين امنوا كلوا
من طيبات ما رزقناكم. ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث اغبر يمد يديه الى السماء
يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام. فانى يستجاب لذلك.
فاحرص على الاستقامة على طاعة الله وتقواه والاكثار من سؤاله، واساله باسمه الاعظم، ففي المسند
والسنن عن بريدة قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول: اللهم اني اسالك
باني اشهد انك انت الله الذي لا اله الا انت الاحد الصمد الذي لم يلد
ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس
محمد بيده لقد سال الله باسمه الاعظم الذي اذا سئل به اعطى، واذا دعي به
اجاب. وروى الترمذي عن انس، وفي مسند احمد عن ربيعة بن عامر ان النبي صلى
الله عليه وسلم قال: الظوا بيا ذا الجلال والاكرام. اي الزموا وثابروا. صححه الالباني.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى التالية ارقامها: 117847، 71758 ،2150 ، 2395 .
والله اعلم.