الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله وصحبه، اما بعد:
فالعبد مامور اذا دعا الله تعالى ان يكون موقنا باجابته، وعدم اليقين مانع من اجابة
الدعاء، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : ومن اعظم شرائطه يعني الدعاء حضور القلب،
ورجاء الاجابة من الله تعالى، كما خرجه الترمذي من حديث ابي هريرة عن النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: «ادعوا الله وانتم موقنون بالاجابة، فان الله لا يقبل دعاء من
قلب غافل لاه»، وفي “المسند” عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «ان هذه القلوب اوعية، فبعضها اوعى من بعض، فاذا سالتم الله فاسالوه وانتم
موقنون بالاجابة، فان الله لا يستجيب لعبد دعاء من ظهر قلب غافل»، ولهذا نهي العبد
ان يقول في دعائه: اللهم اغفر لي ان شئت، ولكن ليعزم المسالة، فان الله لا
مكره له، ونهي ان يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الاجابة، وجعل ذلك من موانع الاجابة حتى
لا يقطع العبد رجاءه من اجابة دعائه ولو طالت المدة، فانه سبحانه يحب الملحين في
الدعاء. انتهى.
ولكن ليعلم ان الاستجابة لا تنحصر في وجه معين، بل قد تكون استجابة الدعاء بان
يصرف الله عن العبد من السوء مثل ما دعا به، او يدخر ثواب الدعاء له
يوم القيامة، وقد بين في المرعاة معنى اليقين المامور به ووجه الامر به مع كوننا
نرى تخلف الاجابة عن بعض الداعين فقال ما لفظه: قوله: (وانتم موقنون بالاجابة) المراد ملزومه
اي ادعوا الله والحال انكم ملتبسون بالصفات التي هي سبب في الاجابة، قال التوربشتي: اي
كونوا عند الدعاء على حالة تستحقون فيها الاجابة، وذلك باتيان المعروف واجتناب المنكر، وغير ذلك
من مراعاة اركان الدعاء وادابه حتى تكون الاجابة على قلوبكم اغلب من الرد، والمراد ادعوه
معتقدين لوقوع الاجابة؛ لان الداعي اذا لم يكن متحققا في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقا،
واذا لم يكن الرجاء صادقا لم يكن الدعاء خالصا والداعي مخلصا، فان الرجاء هو الباعث
على الطلب، ولا يتحقق الفرع الا بتحقق الاصل، وقيل: لا بد من اجتماع المعنيين اذ
كل منهما مطلوب لرجاء الاجابة، وقال المظهر: المعنى ليكن الداعي ربه على يقين بان الله
تعالى يجيبه؛ لان رد الدعاء اما لعجز في اجابته، او لعدم كرم في المدعو، او
لعدم علم المدعو بدعاء الداعي، وهذه الاشياء منتفية عن الله تعالى، فان الله جل جلاله
عالم كريم قادر لا مانع له من الاجابة، فاذا علم الداعي انه لا مانع لله
في اجابة الدعاء فليكن موقنا بالاجابة، فان قيل قد قلتم ان الداعي ليكن موقنا بالاجابة،
واليقين انما يكون اذا لم يكن الخلاف في ذلك الامر، ونحن قد نرى بعض الدعاء
يستجاب وبعضها لا يستجاب، فكيف يكون للداعي يقين، قلنا: الداعي لا يكون محروما من اجابة
الدعاء البتة لانه يعطي ما يسال، وان لم تكن اجابته مقدرة في الازل لا يستجاب
دعاءه فيما يسال ولكن يدفع عنه من السوء مثل ما يسال كما جاء في الحديث،
او يعطي عوض ما يسال يوم القيامة من الثواب والدرجة؛ لان الدعاء عبادة ومن عمل
عبادة لا يجعل محروما من الثواب. انتهى.
والله اعلم.
- اليقين في الدعاء
- قوة اليقين في إجابة الدعاء
- احاديث اليقين بالله في الدعاء
- اليقين بالله في الدعاء
- دعاء يقين الله
- دعاء اليقين
- اليقين و الدعاء
- اليقين في الاجابه
- كيف ادعي بيقين
- اليقين باستجابة الدعاء