دعاء عن فضل المعلم
اداب المعلم
ان الحمد لله تعالى، نحمده، ونستعين به، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا، وسيئات اعمالنا،
من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ واشهد ان لا
اله الا الله، وحده لا شريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله، وبعد:
فبداية ينبغي ان نقرر ان شرف التعليم وحيازة فضائله ليس مقصورا على من توظف معلما،
بل الواجب على كل مسلم ان لا ينفك عن تعليم الناس الخير، ولا سيما اهله
واقرب الناس اليه، ولا تحقر نفسك، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بلغوا عني ولو
اية»، ومن ثم فان الحديث عن اداب المعلم يحتاجها كل من اوجبت عليه مكانته ان
يقوم بهذه المهمة، او جعلت التعليم مستحبا في حقه.
فضل العلم:
1- وقد جاء في فضل التعليم من الاحاديث الشيء الكثير، منها قوله صلى الله عليه
وسلم: «فضل العالم على العابد كفضلي على ادناكم»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: «ان الله وملائكته واهل السماوات والارضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على
معلم الناس الخير»، والصلاة من المخلوق هي الدعاء.
فاي منزلة عالية تلك التي يبلغها المدرس، ان يصلي عليه الله سبحانه وتعالى ، وملائكته
الكرام الذين لا يعصون الله ما امرهم، ويفعلون ما يؤمرون؟ بل وسائر اهل السماء واهل
الارض.
2- وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمن علم وعلم، ففي الحديث المتواتر:
«نضر الله امرا سمع مقالتي فوعاها فاداها كما سمعها»، فهذه دعوة من النبي صلى الله
عليه وسلم للمعلم.
3- مفتاح للاجر المضاعف: فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من علم علما فله اجر
من عمل به لا ينقص من اجر العامل».
4- والتعليم مورد دائم من الاجور، يمد المعلم بالاجر حتى وان انتقل عن الدار الدنيا،
فحين تنقطع اعمال الناس بموتهم يبقى للمعلم غرس لا يزول اثره حين يخلف علما نافعا،
او يخرج طالب علم يحمل هذا العلم وينافح عن الدين، كما اخبر بذلك معلم البشريةة
صلى الله عليه وسلم، بقوله: «ان مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علما
علمه ونشره.. الحديث».
وقال الشاعر:
ان المعلم في الوجود كنخلة يكفه
فخرا اذ يقال: معلم
تؤتي مع الثمر الرطيب ظليلا
فمعلم الاجيال كان رسولا
اداب المعلم:
مما سبق تبين لنا فضل المعلم، فهل نتوقع ان ينال المعلم هذه الفضائل دون ان
يكون له سبيل قويم يسلكه في عمله ذاك؟ بالطبع لا؛ فانه يحتاج لاداب نفسية ومهنية
وتربوية تؤهله لاستحقاق هذه الفضائل، وفيما يلي نذكر عددا من هذه الاداب.
اخلاص النية:
ان النية الصالحة مع كونها شعورا داخليا، الا انها تمثل عاملا يضبط سلوك المعلم، ويفرض
عليه رقابة داخلية وخشية روحية، تنعكس على سلوكه الخارجي، فينتج عن ذلك: اتقان العمل، وحفظ
الامانة، وصيانة التلاميذ.
فعلى المعلم ان يحذر كل الحذر من الاشتغال بالعلم للاغراض الفاسدة، من المباهاة، والمماراة، والرياء،
والرياسات، والتوسل به الى الامور الدنيوية، فمن طلبه لهذه الامور فليس له في الاخرة من
نصيب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعلم العلم لتباهي به العلماء، او لتماري
به السفهاء، او ترائي به في المجالس؛ ولا تترك العلم زهدا فيه، ورغبة في الجهالة».
قال الضباع المصري رحمه الله: «ويجب عليه ان يخلص النية لله تعالى، ولا يقصد بذلك
غرضا من اغراض الدنيا كمعلوم ياخذه او ثناء يلحقه من الناس او منزلة تحصل له
عندهم، وان لا يطمع في رفق يحصل له من بعض من يقرا عليه، سواء كان
مالا او خدمة وان قل، ولو كان على صورة الهدية التي لولا قراءته عليه لما
اهداها اليه».
عدم كتمان العلم:
قال سبحانه وتعالى: ﴿ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه
للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾. وقال سبحانه وتعالى: ﴿ان الذين يكتمون ما
انزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ما ياكلون في بطونهم الا النار
ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم﴾.
قال ابن الجوزي رحمه الله: «هذه الاية توجب اظهار علوم الدين منصوصة كانت او مستنبطة»،
وفي الصحيحين عن ابى هريرة رضي الله عنه انه قال: «انكم تقولون اكثر ابو هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم الموعد، وايم الله! لولا اية في كتاب الله ما
حدثت بشيء ابدا ثم تلا: ﴿ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد
ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سئل عن علم فكتمه الجمه الله بلجام
من نار يوم القيامة».
عدم الخوض فيما لا يعلم:
فيجب على المعلم الا يخجل من قول: «لا اعلم، ولا ادري»، واذا سئل عن شيء
لا يعلمه ان يقول: «لا اعلم»، قال مالك رحمه الله كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم امام المسلمين وسيد العاملين يسال عن الشيء فلا يجيب حتى ياتيه الوحي من
السماء، وصح عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال: «العلم ثلاثة: كتاب ناطق، وسنة ماضية،
ولا ادرى».
وعن علي رضي الله عنه قال: «لا يستحي من لا يعلم ان يتعلم، ولا يستحي
من تعلم اذا سئل عما لا يعلم ان يقول: الله اعلم».
وعن ابى موسى رضي الله عنه قال: «من علمه الله علما فليعلمه الناس، واياه ان
يقول ما لا علم له به فيصير من المتكلفين ويمرق من الدين».
وسئل الشعبي رحمه الله عن مسالة فقال: «لا ادري». فقيل: الا تستحي من قولك هذا
وانت فقيه العراقيين؟ فقال: «ان الملائكة لم تستحي اذ قالت: سبحانك لا علم لنا الا
ما علمتنا.
مخاطبة الناس (المتعلمين) على قدر عقولهم:
قال علي رضي الله عنه: «حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، اتحبون ان يكذب
الله ورسوله؟!».
وقال ابن الجوري رحمه الله: «ولا ينبغي ان يعلن ما لا يحتمله عقول العوام».
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما انت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم الا
كان لبعضهم فتنة».
وقال السعدي رحمه الله: «فعلى المعلم ان ينظر الى ذهن المتعلم، وقوة استعداده، او ضعفه،
فلا يدعه يشتغل بكتاب لا يناسب حاله، فان القليل الذي يفهمه وينتفع به خير من
الكثير الذي هو عرضة لنسيان معناه ولفظه. وعلى المعلم ان يلقي على المتعلم من التوضيح
وتبيين المعنى بقدر ما يتسع فهمه لادراكه، ولا يخلط المسائل بعضها ببعض، ولا ينتقل من
نوع الى اخر حتى يتصور ويحقق السابق، فان ذلك درك للسابق، ويتوفر الذهن على اللاحق».
الشفقة بالمتعلمين:
قال السعدي رحمه الله: «ينبغى للمشايخ والمعلمين ان يحسنوا الى طلاب العلم ويصبروا على ما
يكون منهم، واللطف بهم، لئلا يتضاعف المهم وهمهم، فيضعف الصبر، وتحصل النفرة عن العلم.
قال صلى الله عليه وسلم: «بشر ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا».
وقال صلى الله عليه وسلم: «انما بعثتم ميسرين».
وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ وابي موسى رضي الله عنه حين بعثهما الى
اليمن: «بشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا».
وعن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «علموا
ولا تعنفوا، فان المعلم خير من المعنف». وقال عمر رضي الله عنه: «تواضعوا لمن علمكم،
وتواضعوا لمن تعلمون، ولا تكونوا من جباري العلماء».
وقال الغزالي: «يجريهم مجرى بنيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انما انا لكم
مثل الوالد لولده»، بان يقصد انقاذهم من نار الاخرة، وهو اهم من انقاذ الوالدين ولدهما
من نار الدنيا، ولذلك صار حق المعلم اعظم من حق الوالدين، فان الوالد سبب الوجود
الحاضر والحياة الفانية، والمعلم سبب الحياة الباقية».
ومن شفقته بهم ان يتواضع لهم ويحسن اليهم، ولا يتجبر عليهم ولا يحتقرهم كما كان
هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم ؛ يتواضع لاصحابه، ويجالس الفقير والمسكين، وكانت تاتيه
الامة من نساء المدينة وتاخذه لحاجتها، ولا يتردد صلى الله عليه وسلم ، وكان يقول:
«ان الله اوحى الي ان تواضعوا، حتى لا يفخر احد على احد، ولا يبغي احد
على احد».
ان يرشد طلابه لما يناسب قدراتهم:
فالمتعلم القاصر ينبغي ان يلقى اليه الجلي اللائق به، ولا يذكر له وراء هذا تدقيقا
وهو يدخره عنه، فان ذلك يفتر رغبته في الجلي، ويشوش عليه قلبه، ويوهم اليه البخل
به عنه، اذ يظن كل احد انه اهل لكل علم دقيق.
فما من احد الا وهو راض عن الله سبحانه في كمال عقله واشدهم حماقة واضعفهم
عقلا هو افرحهم بكمال عقله.
سال افلاطون بعض تلامذته عن مسالة لم تكن تليق بحاله، فقال: لست من اهلها فلكل
تربة غرس ولكل بناء اس.
وقيل: تصفح طلاب علمك كما تتصفح خطاب حرمك.
وكان يونس يختلف الى الخليل يتعلم منه العروض فصعب عليه تعلمه، فقال له الخليل يوما:
من اي بحر قول الشاعر: اذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه الى ما تستطيع.
ففطن يونس لما عناه الخليل فترك العروض.
وقيل اختر كل انسان للفن الذي يستطيبه، فبقدر شهوته يكون نفاذه فيه.
ان يجتهد في نصح طلابه:
فلا يدع من نصح المتعلم شيئا، وذلك بان يمنعه من التصدي لرتبة قبل استحقاقها، والتشاغل
بعلم خفي قبل الفراغ من الجلي، ثم ينبهه على ان الغرض بطلب العلوم القرب الى
الله تعالى دون الرياسة والمباهاة والمنافسة، ويقدم تقبيح ذلك في نفسه باقصى ما يمكن، فليس
ما يصلحه العالم الفاجر باكثر مما يفسده، فان علم من باطنه انه لا يطلب العلم
الا للدنيا نظر الى العلم الذي يطلبه، فان كان هو علم الخلاف في الفقه والجدل
في الكلام والفتاوى في الخصومات والاحكام فيمنعه من ذلك، فان هذه العلوم ليست من علوم
الاخرة، ولا من العلوم التي قيل فيها: «تعلمنا العلم لغير الله فابى العلم ان يكون
الا لله»، وانما ذلك علم التفسير وعلم الحديث، وما كان الاولون يشتغلون به من علم
الاخرة، ومعرفة اخلاق النفس، وكيفية تهذيبها؛ فاذا تعلمه الطالب وقصد به الدنيا فلا باس ان
يتركه، فانه يثمر له طمعا في الوعظ والاستتباع، ولكن قد يتنبه في اثناء الامر او
اخره اذ فيه العلوم المخوفة من الله تعالى المحقرة للدنيا المعظمة للاخرة.
- دعاء للمعلم
- دعاء للمعلم بالخير
- دعاء عن المعلم
- دعاء عن المعلم قصير
- دعاء للمعلم بالتوفيق
- دعاء للمعلم قصير
- دعاء للمعلمة بالخير
- دعاء المعلم لطلابه
- الدعاء للمعلم
- دعاء للمعلمين