الدعاء بطول العمر

والصلاه و السلام علي رسولة الامين …. اما بعد :

هذا بحث يسير فمساله الدعاء بطول الاجل حاولت فية تجليه المساله بنصوصها و كلام اهل العلم عليها و اسال الله ان يجعل ذلك البحث نافعا لى و لمن قراة و نشرة ، و نسال الله الاخلاص فالقول و العمل .

اقول مستعينا بالله :

اختلف اهل العلم فجواز الدعاء بطول العمر فمنهم من كرهة و منهم اجازة و ذلك البحث المقتضب هو عرض لادله القائلين بكلي القولين و علي ما ذا استدلوا و مناقشه لتلك الادله و شيئا من فقهها و عرض للقول الراجح باذن الله .لكن : ما معني زياده طول العمر الوارده فالنصوص ؟

اخرج البخارى عن ابى هريره رضى الله عنة قال : سمعت النبى صلي الله علية و سلم يقول : ” من سرة ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاجلة ليصل رحمة ” اخرجة البخارى (5985) و اخرجة كذلك فالادب المفرد و بوب علية : باب صله الرحم تزيد فالعمر . و عن انس رضى الله عنة ان رسول الله صلي الله علية و سلم قال ” من احب ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاثرة فليصل رحمة ” اخرجة البخارى (5986) و مسلم (2557) . و ربما يتوهم انه هذة النصوص تعارض ما جاءت بة الادله الاخري من القران كقولة تعالي { فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون} و من السنه حديث عبدالله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلي الله علية و سلم و هو الصادق المصدوق: ( ان احدكم يجمع خلقة فبطن امة اربعين يوما نطفه ، بعدها يصبح علقه ايضا ، بعدها يصبح مضغه ايضا ، بعدها يرسل الية الملك فينفخ فية الروح ، و يؤمر باربع عبارات : بكتب رزقة ، و اجلة ، و عملة ، و شقى ام سعيد . فوالله الذي لا الة غيرة ، ان احدكم ليعمل بعمل اهل الجنه ، حتي ما يصبح بينة و بينها الا ذراع ، فيسبق علية الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها، و ان احدكم ليعمل بعمل اهل النار حتي ما يصبح بينة و بينها الا ذراع ، فيسبق علية الكتاب ، فيعمل بعمل اهل الجنه فيدخلها ) رواة البخارى (6594) و مسلم (2643) و حديث حذيفه بن اسيد يبلغ بة النبى صلي الله علية و سلم قال : ” يدخل الملك علي النطفه بعد ما تستقر فالرحم باربعين او خمسه و اربعين ليله ، فيقول :يا رب اشقى او سعيد ؟ فيكتبان ، فيقول : اي رب اذكر او انثي ؟ فيكتبان ، و يكتب عملة و اثرة و اجلة و رزقة ، بعدها تطوي الصحف فلا يزاد بها و لا ينقص ” رواة مسلم (2644) .


قال الامام النووى رحمة الله فشرح مسلم (16/330، 331) :

قولة صلي الله علية و سلم “من احب ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاثرة فليصل رحمة ” ينسا مهموز اي : يؤخر و الاثر الاجل لانة تابع للحياة فاثرها و بسط الرزق توسيعة و كثرتة و قيل البركه فية و اما التاخير فالاجل ففية سؤال مشهور و هو ان الاجال و الارزاق مقدره لا تزيد و لا تنقص { فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون } و اجاب العلماء باجوبه الصحيح منها :

الاول : ان هذة الزياده بالبركه فعمرة و التوفيق للطاعات و عماره اوقاتة بما ينفعة فالاخره و صيانتها من الضياع فغير هذا .

الثاني : انه بالنسبه الي ما يخرج للملائكه و فاللوح المحفوظ و نحو هذا فيظهر لهم فاللوح ان عمرة ستون سنه الا ان يصل رحمة فان و صلها زيد له اربعون و ربما علم سبحانة و تعالي ما سيقع له من هذا و هو فمعني قولة تعالي { يمحو الله ما يشاء و يثبت } فية النسبه الي علم الله تعالي و ما سبق بة قدرة و لا زياده بل هى مستحيله و بالنسبه الي ما ظهر للمخلوقين تتصور الزياده و هو مراد الحديث

الثالث : ان المراد بقاء ذكرة الرائع بعدة فكانة لم يمت حكاة القاضى و هو ضعيف او باطل و الله اعلم .

قال شيخ الاسلام ابن تيميه رحمة الله فالفتاوي (8/517) : و ربما سئل رحمة الله عن المقتول : هل ما ت باجلة ام قطع القاتل عنة اجلة ؟ فاجاب :

المقتول كغيرة من الموتي لا يموت احد قبل اجلة و لا يتاخر احد عن اجلة بل سائر الحيوان و الاشجار لها اجال لا تتقدم و لا تتاخر فان اجل الشيء هو نهايه عمرة و عمرة لمدة بقائة فالعمر لمدة البقاء و الاجل نهايه العمر بالانقضاء . بعدها قال : و الاجل اجلان : اجل مطلق ” يعلمة الله ” و اجل مقيد . و بهذا يتبين معني قولة صلي الله علية و سلم ” من سرة ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاثرة فليصل رحمة ” فان الله امر الملك ان يكتب له اجلا و قال : ان و صل رحمة زدتة هكذا و هكذا و الملك لا يعلم ايزداد ام لا ؟ لكن الله يعلم ما يستقر علية الامر فاذا جاء هذا لا يتقدم و لا يتاخر . اة بتصرف

وقال رحمة الله (8/540) : و ربما سئل عن الرزق هل يزيد او ينقص ؟ _ فاجاب :

الرزق نوعان :

الاول : ما علمة الله ان يرزقة فهذا لا يتغير .

الثاني : ما كتبة الله و اعلم بة الملائكه فهذا يزيد و ينقص بحسب الاسباب فان العبد يامر الله الملائكه ان تكتب له رزقا و ان و صل رحمة زادة الله علي هذا كما ثبت فالصحيح عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال ” من سرة ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاثرة فليصل رحمة ” و ايضا عمر داود زاد ستين سنه فجعلة الله ما ئه بعد ان كان اربعين _ رواة الترمذى و غيرة _ و من ذلك الباب قول عمر ” اللهم ان كتبتنى شقيا فامحنى و اكتبنى سعيدا فانك تمحو ما تشاء و تثبت”

قال ابن قتيبه فتاويل مختلف الحديث (238) :

قالوا رويتم عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال : ” صله الرحم تزيد فالعمر ” و الله تبارك و تعالي يقول { فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون } قالوا : فكيف تزيد صله الرحم فاجل لا يتاخر و لا يتقدم ؟

قال ابو محمد : و نحن نقول ان الزياده فالعمر تكون بمعنيين :

الاول : السعه و الزياده فالرزق و عافيه البدن .

الثاني : ان الله تعالي يكتب اجل عبدة عندة ما ئه سنه و يجعل بنيتة و تركيبة و هيئتة لتعمير ثمانين سنه فاذا و صل رحمة زاد الله تعالي فذلك التركيب و فتلك البنية و وصل هذا النقص فعاش عشرين اخري حتي يبلغ المائه و هى الاجل الذي لا يستاخر عنة و لا يتقدم .

قال ابو القاسم الاصبهانى فالترغيب (1/275) :

هذا حديث صحيح و يعارضة ما روي عن ابن مسعود رضى الله عنة عن النبى صلي الله علية و سلم ” بعدها يؤمر الملك باربع عبارات رزقة و عملة ” و فروايه ” و اجلة و شقى او سعيد ” و فروايه حذيفه بن اسيد ” فلا يزاد علية و لا ينقص ” و الجمع بين الخبرين ان يقال :

ان الله اذا اراد ان يخلق النسمه جعل اجلها ان برت و الديها هكذا و هكذا و ان لم تبر و الديها هكذا و هكذا دون هذا و ان عملت هكذا حرمت هكذا و ان لم تعملة رزقت هكذا و يصبح هذا مما يكتب فالصحيفه التي لا يزاد و لا ينقص ، و ايضا حديث” لا يرد القضاء الا الدعاء ” رواة الترمذى و صححة الالبانى فصحيح الجامع الصغير (7564) ، يقال : ان اراد الله ان يخلق النسمه قال : ان كان منها الدعاء رد عنها هكذا و هكذا و ان لم يكن منها الدعاء نزل فيها هكذا و هكذا .

قال ابو جعفر الطحاوى فمشكل الاثار (8/81، 82) بعد حديث انس :

فقال قائل : فكيف تقبلون ذلك و تضيفونة الي رسول الله صلي الله علية و سلم و انتم تروون عنة ان الله عز و جل اذا اراد ان يخلق نسمه امر الملك باربع عبارات : ” رزقها اجلها ، عملها شقى او سعيد ” و فحديث ابن مسعود و فحديث حذيفه بن اسيد ايضا زياده علية و هى ” فلا يزاد علي هذا و لا ينقص منة ؟ و ذلك اختلاف شديد فكان جوابنا له فذلك بتوفيق من الله عز و جل و عونة :

ان ذلك مما لا اختلاف فية اذ كان يحتمل ان يصبح الله عز و جل اذا اراد ان يخلق النسمه جعل اجلها ان برت هكذا و ان لم تبر هكذا لما هو دون هذا و ان كان منها الدعاء رد عنها ايضا و ان لم يكن منها الدعاء نزل فيها هكذا و ان عملت هكذا حرمت هكذا و ان لم تعملة رزقت هكذا و يصبح هذا مما يثبت فالصحيفه التي لا يزداد علي ما بها و لا ينقص منة و فذلك بحمد الله التئام هذة الاثار و انتفاء التضاد عنها و الله عز و جل نسالة التوفيق .

قال الحافظ فالفتح (10/429) :

” فاثرة ” اي : فاجلة و سمي الاجل اثرا لان يتبع العمر قال زهير :

والمرء ما عاش ممدود له امل ….. لا ينقضى العمر حتي ينتهى الاثر

واصلة فمن اثر مشيه الارض فان من ما ت لا يبقي له حركه فلا يبقي لقدمة فالارض اثر و قال ابن المتين :

ظاهر الحديث يعارض قولة تعالي { فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون } و الجمع بينهما من و جهين :

الاول : ان هذة الزياده كنايه عن البركه فالعمر بسبب التوفيق الي الطاعه و عماره و قتة بما ينفعة فالاخره و صيانتة عن تضييعة فغير هذا و كهذا ما جاء عن النبى صلي الله علية و سلم فتقاصر اعمار امتة _ جاء ذلك من قولة صلي الله علية و سلم ” اعمار امتى ما بين الستين الي السبعين و اقلهم من يجوز هذا “( حسن صحيح ) المشكاه (5280) الصحيحه 757 _ بالنسبه لاعمار من مضي من الامم فاعطاة الله ليله القدر و حاصلة ان صله الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعه و الصيانه عن المعصيه فيبقي بعدة الذكر الرائع فكانة لم يمت و من جمله ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع بة من بعدة و الصدقه الجاريه علية و الخلف الصالح . .

الثاني : ان الزياده علي حقيقتها و هذا بالنسبه الي علم الملك الموكل بالعمر اما الاول الذي دلت علية الايه فبالنسبه الي علم الله تعالي كان يقال للملك مثلا : ان عمر فلان ما ئه مثلا ان و صل رحمة و ستون ان قطعها و ربما سبق فعلم الله انه يصل او يقطع ، فالذى فعلم الله لا يتقدم و لا يتاخر و الذي فعلم الملك هو الذي ممكن فية الزياده و النقص و الية الاشاره بقولة { يمحو الله ما يشاء و يثبت و عندة ام الكتاب } فالمحو و الاثبات لما فعلم الملك و ما فام الكتاب هو الذي فعلم الله تعالي فلا محو فية البته و يقال له القضاء المبرم و يقال للاول القضاء المطلق ، و الوجة الاول : اليق بلفظ حديث الباب فان الاثر ما يتبع الشيء فاذا احدث حسن ان يحمل علي الذكر الحسن بعد فقد المذكور .

وقال الطيبى : الوجة الاول اظهر و علية يشير كلام صاحب “الفائق” قال : يجوز ان يصبح المعني ان الله يبقى اثر و اصل الرحم فالدنيا طويلا فلا يضمحل سريعا كما يضمحل اثر قاطع الرحم و لما انشد ابو تمام قولة فبعض المراثى :

توفيت الامال بعد محمد

واصبح فشغل عن السفر السفر

قال له ابو دلف : لم يمت من قيل فية ذلك الشعر و من هذة الماده قول الخليل علية السلام { و اجعل لى لسان صدق فالاخرين } .

وقال الحافظ ايضا: و جزم ابن فورك بان المراد بزياده العمر فض الافات عن صاحب البر ففهمة و عقلة و قال غيرة : فاعم من هذا و فو جود البركه فرزقة و علمة و نحو هذا .

وقال رحمة الله (11/497) :

وان الذي سبق فعلم الله لا يتغير و لا يتبدل و ان الذي يجوز علية التاخير و التبديل ما يبدو للناس من عمل العامل و لا يبعد ان يتعلق هذا بما فعلم الحفظه و الموكلين بالادمى فيقع فية المحو و الاثبات كزياده فالعمر و نقصة و اما ما فعلم الله فلا محو فية و لا اثبات و العلم عند الله .

قال المناوى رحمة الله ففيض القدير (3416) :

ولا يعارض ذلك _ يعنى الحديث _ { فاذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون } لان المراد بالبسط و التاخير هنا البسط فالكيف لا فالكم او ان الخبر صدر فمعرض الحث علي الصله بطريق المبالغه او انه يكتب فبطن امة ان و صل رحمة فرزقة و اجلة هكذا و ان لم يصل فكذا .

قال المباركفورى رحمة الله فالتحفه (6/97) :

والمعني انها اسباب لتاخير و موجب لزياده العمر و قيل باعث دوام و استمرار فالنسل و المعني ان يمن الصله يفضى الي هذا . و قال فاللمعات : و المراد بتاخير الاجل بالصله اما حصول البركه و التوفيق فالعمل و عدم ضياعة فكانة زاد ،او بمعني انه اسباب لبقاء ذكرة الرائع بعدة او و جود الذريه الصالحه و التحقيق انها اسباب لزياده عمرة كسائر سبب العالم، فمن اراد الله تعالي زياده عمرة و فقة لصله الارحام ، و الزياده انما هى بحسب الظاهر بالنسبه الي الخلق و اما فعلم الله فلا زياده و لا نقصان و هو و جة الجمع بين قولة صلي الله علية و سلم ” جف القلم بما هو كائن ” _ رواة احمد _ و قولة تعالي { يمحو الله ما يشاء و يثبت } .

وقال رحمة الله (6/290) :

قال تعالي { و ما يعمر من معمر و لا ينقص من عمرة الا فكتاب } و قال تعالي { يمحو الله ما يشاء و يثبت و عندة ام الكتاب } و ذكر فالكشاف انه لا يطول عمر الانسان و لا يقصر الا فكتاب و صورتة ان يكتب فاللوح ان لم يحج فلان او يغز فعمرة اربعون سنه و ان حج و غزا فعمرة ستون سنه فاذا جمع بينهما فبلغ الستين فقد عمر ، و اذا افرد احدهما فلم يتجاوز بة الاربعين فقد نقص من عمرة الذي هو الغايه و هو الستون و قيل معناة : انه اذا بر لا يضيع عمرة فكانة زاد و قيل : قدر اعمال البر سببا لطول العمر كما قدر الدعاء سببا لرد البلاء فالدعاء للوالدين و بقيه الارحام يزيد فالعمر ، اما بمعني يبارك فعمرة فيمد له فالزمن القليل من الاعمال الصالحه ما لا يتيسر لغيرة من العمل الكثير، فالزياده مجازيه لانة يستحيل فالاجال الزياده الحقيقيه .

قال الطيبى : اعلم ان الله تعالي اذا علم ان زيدا يموت سنه خمس ما ئه استحال ان يموت قبلها او بعدين فاستحال ان تكون الاجال التي عليها علم الله تزيد او تنقص فتعين تاويل الزياده انها بالنسبه الي ملك الموت او غيرة ممن و جميع بقبض الارواح و امرة بالقبض بعد اجال محدوده فانة تعالي بعد ان يامر بذلك او يثبت فاللوح المحفوظ ينقص منة او يزيد علي ما سبق علمة فكل شيء و هو بمعني قولة { يمحو الله ما يشاء و يثبت و عندة ام الكتاب } و علي ما ذكر يحمل قولة عز و جل { بعدها قضي اجلا و اجل مسمي عندة } فالاشاره بالاجل الاول الي ما فاللوح المحفوظ و ما عند ملك الموت و اعوانة ،وبالاجل الثاني الي ما فقولة تعالي { و عندة ام الكتاب } و قولة تعالي { اذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون } و الحاصل ان القضاء المعلق يتغير و اما القضاء المبرم فلا يبدل و لا يغير . و الله اعلم

وتامل ذلك الكلام المحرر و الرائع للامام الالبانى رحمة الله فصحيح الادب المفرد (ص 40) بعد ان ساق حديث انس رضى الله عنة الذي بوب علية البخارى : باب صله الرحم تزيد فالعمر ، قال رحمة الله :

الحديث علي ظاهرة اي : ان الله جعل بحكمتة صله الرحم سببا شرعيا لطول العمر و ايضا حسن الخلق و حسن الجوار كما فبعض الاحاديث الصحيحه و لا ينافى هذا ما هو معلوم من الدين بالضروره ان العمر مقطوع بة ، لان ذلك بالنظر للخاتمه تماما كالسعاده و الشقاوه فهما مقطوعتان بالنسبه للافراد فشقى او سعيد فمن المقطوع بة ان السعاده و الشقاوه منوطتان بالاسباب شرعا كما قال صلي الله علية و سلم ” اعملوا فكل ميسر لما خلق له فمن كان من اهل السعاده فسييسر لعمل اهل السعاده و من كان من اهل الشقاوه فسييسر لعمل اهل الشقاوه ” بعدها قرا { فاما من اعطي و اتقي و صدق بالحسني فسنيسرة لليسري و اما من بخل و استغني و كذب بالحسني فسنيسرة للعسرى} فكما ان الايمان يزيد و ينقص و زيادتة الطاعه و نقصانة المعصيه و ان هذا لا ينافى ما كتب فاللوح المحفوظ فايضا العمر يزيد و ينقص بالنظر الي الاسباب فهو لا ينافى ما كتب فاللوح كذلك فتامل ذلك فانة مهم جدا جدا فحل مشاكل كثيره و لهذا جاء فالاحاديث المرفوعه و الاثار الموقوفه الدعاء بطول العمر اة .

وقال ابن كثير رحمة الله فتفسيرة (3/512) :

قولة {وما يعمر من معمر و لا ينقص من عمرة } اي : ما يعطي بعض النطف من العمر الطويل يعلمة و هو عندة فالكتاب الاول {وما ينقص من عمرة }الضمير عائد علي الجنس لا علي العين لان الطويل العمر فالكتاب و فعلم الله تعالي لا ينقص من عمرة و انما عاد الضمير علي الجنس ،وقال ابن جرير : و ذلك كقولهم عندى ثوب و نصفة اي و نص ثوب احدث ، و روى من طريق العوفى عن ابن عباس رضى الله عنهما فقولة تعالي {وما يعمر … الايه يقول : ليس احد قضيت له بطول العمر و الحياة الا و هو بالغ ما قدرت له من العمر و ربما قضيت هذا له فانما ينتهى الي الكتاب الذي قدرت لا يزاد عليه، و ليس احد قدرت له انه قصير العمر و الحياة ببالغ العمر و لكن ينتهى الي الكتاب الذي كتبت له فذلك قولة {ولا ينقص من عمرة … الايه يقول : جميع هذا فكتاب عندة و كذا قال الضحاك بن مزاحم و قال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم عن ابية {ولا ينقص من عمرة الا فكتاب } قال : ما لفظت الارحام من الاولاد من غير تمام ،قال عبدالرحمن فتفسيرها : الا تري الناس ،يعيش الانسان ما ئه سنه و احدث يموت حين يولد فهذا ذلك . و قال قتاده : و الذي ينقص من عمرة هو الذي يموت قبل ستين سنه . و قال مجاهد {وما يعمر الايه اي : فبطن امة يكتب له هذا ،لم يخلق الخلق علي عمر و احد ، بل لهذا عمر و لهذا عمر هو انقص من عمرة فكل هذا مكتوب لصاحبة بالغ ما بلغ و قال بعضهم : بل معناة {وما يعمر .الايه اي ما يكتب فالاجل {ولا ينقص من عمره} و هو ذهابة قليلا قليلا ،الجميع معلوم عند الله تعالي سنه بعد سنه و شهرا بعد شهر و جمعه بعد جمعه و يوما بعد يوم و ساعه بعد ساعه الجميع مكتوب عند الله فكتابة نقلة ابن جرير عن ابى ما لك و الية ذهب السدى و عطاء الخراسانى و اختار ابن جرير الاول و هو كما قال .

قال القرطبى فالجامع لاحكام القران (17/360) :

سماة معمرا بما هو صائر الية ، قال سعيد بن جبير عن ابن عباس {وما يعمر ….. الايه اي : الا كتب عمرة كم هو سنه كم هو شهر كم هو يوم كم هو ساعه بعدها يكتب فكتاب احدث : نقص من عمرة يوم نقص شهر نقص سنه حتي يستوفى اجلة ، و قال سعيد بن جبير كذلك : فما مضي من اجلة فهو النقصان و ما يستقبل فهو الذي يعمرة فالهاء علي ذلك للمعمر ،وعن سعيد كذلك : يكتب عمرة هكذا و هكذا سنه بعدها يكتب فاسفل هذا : ذهب يوم ، ذهب يومان حتي ياتى علي اخرة ، و قيل : ان الله كتب عمر الانسان ما ئه سنه ان اطاع و تسعين ان عصي فايهما بلغ فهو فكتاب و هو كقولة صلي الله علية و سلم “من احب ان يبسط له فرزقة و ينسا له فاثرة فليصل رحمة ” اي : انه يكتب فاللوح المحفوظ : عمر فلان هكذا سنه فان و صل رحمة زيد فعمرة هكذا سنه ، فبين هذا فموضع احدث من اللوح المحفوظ انه سيصل رحمة فمن اطلع علي الاول دون الثاني ظن زياده او نقصان .

قال الشوكانى ففتح القدير (4/451) :

قولة ” و ما يعمر من معمر و لا ينقص من عمرة ” اي ما يطول عمر احد و لا ينقص من عمرة الا فكتاب اي فاللوح المحفوظ .

قال السعدى رحمة الله فتفسيرة ( ص 806 ) :

قولة {وما يعمر من معمر …. الايه : اي عمر الذي كان معمرا عمرا طويلا {الا} بعلمة تعالي او : و ما ينقص من عمر الانسان الذي هو بصدد ان يصل الية لولا ما سلكة من سبب قصر العمر كالزنا و عقوق الوالدين و قطيعه الارحام و نحو هذا مما ذكر انها سبب قصر العمر و المعني : ان طول العمر و قصرة بسبب و بغير اسباب كلة بعلمة تعالي و ربما اثبت هذا فكتاب حوي ما يجرى علي العبد فجميع اوقاتة و ايام حياتة .

وقال ابن كثير رحمة الله فتفسير قولة تعالي فسوره نوح { و يؤخركم الي اجل مسمي } (4/383) :

اى يمد اعماركم و يدرا عنكم العذاب الذي ان لم تجتنبوا ما نهاكم عنة اوقعة بكم و ربما يستدل بهذة الايه من يقول ان الطاعه و البر و صله الرحم يزاد فيها فالعمر حقيقه كما و رد بة الحديث ” صله الرحم تزيد فالعمر ”

وقال الشوكانى ففتح القدير (5/ 394) :

اى يؤخر موتكم الي الامد الاقصي الذي قدرة لكم بشرط الايمان و الطاعه فوق ما قدرة لكم علي تقدير بقائكم علي الكفر و العصيان . و قيل : التاخير بمعني البركه فاعمارهم ان امنوا و عدم البركه بها ان لم يؤمنوا . قال مقاتل : يؤخركم الي منتهي اجالكم …. اه

وبعد ان فهمنا كيفية الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض ناتى الي مساله الدعاء بطول العمر بشيء من المناقشه اليسيره :

استدل القائلون بالجواز بما اخرجة البخارى فصحيحة فكتاب الدعوات قال رحمة الله :

باب ” دعوه النبى صلي الله علية و سلم لخادمة بطول العمر و بكثره ما له ”

قال البخارى رحمة الله : حدثنا عبدالله بن ابى الاسود حدثنا حرمى حدثنا شعبه عن قتاده عن انس رضى الله عنة قال : قالت امى : يا رسول الله خادمك انس ادع الله له قال ” اللهم اكثر ما له و ولدة و بارك له فيما اعطيتة ”

قال الحافظ ابن حجر العسقلانى فالفتح (14/355) :

ذكر الحديث فعده ابواب و ليس فشيء منها ذكر العمر فقال بعض الشراح : مطابقه الحديث للترجمه ان الدعاء بكثره الولد يستلزم حصول طول العمر و تعقب بانة لا ملازمه بينهما الا بنوع من المجاز بان يراد ان كثره الولد فالعاده تستدعى بقاء ذكر الوالد ما بقى اولادة فكانة حى , و الاولي فالجواب : انه اشار كعادتة الي ما و رد فبعض طرقة فاخرج فالادب المفرد من و جة احدث عن انس قال : قالت ام سليم _ و هى ام انس _ يا رسول الله : خويدمك الا تدعو له ؟ فقال ” اللهم اكثر ما له و ولدة و اطل حياتة و اغفر له”

فاما كثره و لدة و ما له فوقع عند مسلم ” …. قال انس : فوالله ان ما لى لعديد و ان و لدى و ولد و لدى ليتعادون علي نحو المائه اليوم .

واما طول عمر انس فقد ثبت فالصحيح ان كان فالهجره ابن تسع سنين و كان و فاتة سنه احدي و تسعين فيما قيل و قيل سنه ثلاث ، و له ما ئه و ثلاث سنين قالة خليفه و هو المعتمد ، و اكثر ما قيل فسنة انه بلغ ما ئه و سبع سنين و اقل ما قيل فية تسعا و تسعين سنة . اه

وقال ابو الحسن على بن خلف المشهور بابن بطال فشرحة علي البخارى علي ذلك الحديث (10/106) :

ان قائل قائل : كيف ترجم البخارى فهذا الحديث باب دعوه النبى صلي الله علية و سلم لخادمة بطول العمر و انما فالحديث ” اللهم اكثر ما له و ولدة ” و ليس فية و طول عمرة ؟

الجواب : يحتمل ان يصبح هذا من دليل الحديث من موضعين :

الاول : ان دعوتة صلي الله علية و سلم له بالكثره يدل ان هذا لا يصبح الا فعديد من السنين فدعاؤة له بكثره الولد دعاء له بطول العمر .

الثاني : قولة علية الصلاه و السلام ” و بارك له فيما اعطيتة ” فالعمر مما اعطاة الله ذلك و جة للمهلب .

وقال الامام شهاب الدين ابى العباس احمد بن محمد الشافعى القسطلانى فارشاد السارى لشرح صحيح البخارى علي ذلك الحديث (13/347) :

كان المؤلف اشار فالترجمه لما فبعض طريق الحديث عن انس قال : قالت ام سليم _ و هى ام انس _ يا رسول الله : خويدمك الا تدعو له ؟ فقال ” اللهم اكثر ما له و ولدة و اطل حياتة و اغفر له ” رواة البخارى فالادب المفرد و فية دلاله علي اباحه الاستكثار من المال و الولد و العيال لكن اذا لم يشغلة هذا عن الله و القيام بحقوقة قال تعالي { انما اموالكم و اولادكم فتنه } و لا فتنه اعظم من شغلهم العبد عن القيام بحقوق المولي و لولا دعوتة صلي الله علية و سلم لانس لخيف علية .

وقال بدر الدين العينى فعمده القارى لشرح صحيح البخارى (18/365) :

مطابقه الترجمه ظاهره فان قلت : من اين الظهور و فالترجمه ذكر طول العمر و ليس فالحديث هذا ؟

قلت : ربما ذكرنا هنا معني ان قولة ” بارك له فيما اعطيتة ” يدل علي هذا لان الدعاء ببركه ما اعطى يشمل طول العمر لانة من جمله المعطي . اه

قال الامام الالبانى رحمة الله فالصحيحه (6/94) :

254_ ( اللهم اكثر ما له و ولدة و اطل عمرة و اغفر له … يعنى انسا رضى الله عنة ) _ صحح الشيخ رحمة الله ذلك الحديث فالادب المفرد بلفظ ” و اطل حياتة ” 509/653 الباب 253 _

قال رحمة الله : اخرجة ابو يعلي فمسندة (3/1048) : حدثنا ابو الربيع الزهرانى نا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعه عن انس بن ما لك قال انطلقت بى امى الي رسول الله صلي الله علية و سلم فقالت : يا رسول الله ، خويدمك فادع الله له فقال : فذكرة … و قال انس : و طال عمرى حتي استحييت من اهلى و اينعت ثمارى و اما الرابعه يعنى المغفره . قلت _ اي الالبانى _ : و ذلك اسناد جيد رجالة ثقات رجال الشيخين غير سنان بن ربيعه فاخرج له البخارى مقرونا بغيرة و قال الحافظ : صدوق فية لين . و اخرجة البخارى فالادب المفرد (653) من طريق سعيد بن زيد عن سنان نحوة و فية انه قال : ” فدعا لى بثلاث فدفنت ما ئه و ثلاثه و ان ثمرتى لتطعم فالسنه مرتين و طالت حياتى حتي استحييت من الناس و ارجو المغفره ” و ترجم له البخارى فالادب ب : “باب من دعا بطول العمر” و اصلة فصحيح البخارى (11/12- فتح ) و مسلم (2/128) من طريقين اخرين عن انس دون ذكر العمر و ربما و هم مخرج الادب المفرد حيث عزاة لمسلم دون البخارى و دون ان ينبة علي ان العمر ليس عندهما و تقدم تخريجة برقم 140 و 141 و مع هذا فقد ترجم له البخارى فالصحيح بقولة ” باب دعوه النبى صلي الله علية و سلم لخادمة بطول العمر و بكثره ما له ” فذكر الحافظ ان البخارى اشار بذلك الي طريق سنان هذة .

وقال رحمة الله فصحيح الادب المفرد (ص 310) : عندما قال البخارى : باب كيف يدعو للذمى ؟ و ساق الحديث عن عقبه بن عامر الجهنى : انه مر برجل هيئتة هيئه مسلم فسلم فرد علية : و عليك و رحمه الله و بركاتة فقال له الغلام : انه نصرانى !! فقام عقبه فتبعة حتي ادركة فقال : ان رحمه الله و بركاتة علي المؤمنين ، لكن اطال الله حياتك و اكثر ما لك و ولدك ”

قال الالبانى رحمة الله : فهذا الاثر اشاره من ذلك الصحابى الجليل الي جواز الدعاء بطول العمر و لو للكافر فللمسلم اولي ( انظر الحديث 41/ 56) و لكن لا بد ان يلاحظ الداعى ان لا يصبح الكافر عدوا للمسلمين و يترشح منة جواز تعزيه مثلة بما فهذا الاثر فخذها منا فوائد تذكر .

واستدل المانعون من الدعاء بطول العمر بالحديث الاتي و هو ابرز ادلتهم :

قال مسلم فصحيحة حدثنا ابو بكر بن ابى شيبه و ابو كريب ( و اللفظ لابى بكر ) قالا حدثنا و كيع عن مسعر عن علقمه بن مرثد عن المغيره بن عبدالله اليشكرى عن المعرور بن سويد عن عبدالله قال : قالت ام حبيبه زوج النبى صلي الله علية و سلم اللهم امتعنى بزوجى رسول الله صلي الله علية و سلم و بابى ابى سفيان و باخى معاويه قال فقال النبى صلي الله علية و سلم ” ربما سالت الله لاجال مضروبه و ايام معدودات و ارزاق مقسومه لن يعجل شيئا قبل حلة او يؤخر شيئا عن حلة و لو كنت سالت الله ان يعيذك من عذاب فالنار او عذاب فالقبر كان خيرا و اروع ”

استدل بعض اهل العلم بهذا الحديث علي انه لا يجوز الدعاء بطول العمر لان النبى صلي الله علية و سلم انكر علي ام حبيبه رضى الله عنها هذا و سنعرض بعض كلام اهل العلم علي ذلك الحديث و كيف اجابوا عن النهى الوارد فية :

واكثر من اطلعت عليهم من شراح الحديث فسر لفظه الامتاع بانها طول العمر و طول الحياة و ذكر موسي شاهين ففتح المنعم فشرح صحيح مسلم فوائد علي هذا يقول (10/193) : الامتاع يشمل جميع هذا و ان لم تتطلبة تفصيلا ،ومضروبه اي محدده .

وقال محمد تقى العثمانى ففتح الملهم بشرح مسلم (5-6/ 257) :

قولة ” اللهم امتعنى بزوجى …. : تريد الدعاء بطول عمرهم و زياده فحياتهم .

قوله” لن يعجل الله شيئا قبل حلة ” المراد : انه لا يتقدم شيء علي اجلة المضروب فقضاء الله تعالي .

قولة ” ربما سالت الله لاجال مضروبه … : حاصلة ان القضاء المبرم الذي هو عباره عن علم الله تعالي بما سيصبح لا يزاد فية و شيء و لا ينقص اما التقدير المعلق الذي هو عباره عن الكتابه فاللوح المحفوظ او عن توكيل الملك بامر من الامور فقد يتغير بالدعاء او باختيار بعض الاسباب .

قال النووى رحمة الله فشرحة علي مسلم (15-16 / 429) بعد ان بوب علية بقولة :

” باب ان الاجال و الارزاق و غيرها لا تزيد و لا تنقص عما سبق بة القدر”

قال : ذلك الحديث صريح فان الاجال و الارزاق مقدره لا تتغير عما قدرة الله تعالي و علمة فالازل فيستحيل زيادتها و نقصها حقيقه عن هذا و اما ما و رد فحديث صله الرحم انها تزيد العمر و نظائرة فقد سبق تاويلة فباب صله الارحام … بعدها قال رحمة الله : فان قيل ما الحكمه فنهيها عن الدعاء بالزياده فالاجل و هو مفروغ منة و ندبها الي الدعاء بالاستعاذه من العذاب و هو مفروغ منة كذلك كالاجل ؟

الجواب : الجميع مفروغ منة لكن الدعاء بالنجاه من عذاب النار و من عذاب القبر و نحوهما عباده و ربما امر الشرع بالعبادات فقيل : افلا نتكل علي كتابنا ؟ و ما سبق لنا من القدر ؟ فقال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له .

واما الدعاء بطول الاجل فليس عباده و كما لا يحسن ترك الصلاه و الصوم و الذكر اتكالا علي القدر فكذا الدعاء بالنجاه من النار و نحوة و الله اعلم . اه

وفى شرح الابى و السنوسى علي صحيح مسلم (9/39) :

قال الابى نقلا عن المازرى : الحديث نصف فان الارزاق و الاجال لا تزيد و لا تنقص فمن علم الله انه يموت سنه خمسمائه يستحيل ان يموت قبلها او بعدين لان العلم معرفه المعلوم علي ما هو بة فلو ما ت قبلها او بعدين لم يكن الله علم بذلك الاجل علي ما هو بة و انقلب العلم جهلا و الجهل علي الله محال ، فاذا كان نصا فان الاجال لا تزيد و لا تنقص فلماذا نصف حديث ” صله الرحم تزيد فالعمر ” الجواب :

الاجل الذي عند الله سبحانة و تعالي و فعلمة لا يتغير بزياده و لا نقص لما تقدم و اما علم الملك فانة حادث و الحادث يقبل التغيير بالزياده و النقص و يجوز ان يامر الله باجل او يكتب له فاللوح المحفوظ بعدها يزيد فية بسبب الصله حتي يقع الموت علي ما علم الله سبحانة فالازل .

قلت _ اي الابى _ : الجواب بهذا لا يرفع السؤال لان المراد بالزياده فالعمر حقيقه و علي ذلك فليست بحقيقه و انما الجواب و الله اعلم : ان يصبح كتب اجلة ان لم يصل رحمة هكذا و ان و صل فاجلة هكذا فاذا و صل رحمة بلغ الاجل الاكثر .

وقال السنوسى (9/39) :

ان قيل صرفها عن الدعاء بالزياده فالعمر لانة ربما فرغ منة و ندبها الي الدعاء بالمعافاه من عذاب القبر و النار و هو مفروغ منة قبل الدعاء ……. بعدها قال : و حاصل جوابة صلي الله علية و سلم : انه لم ينهها عن الدعاء بالزياده فالعمر حتي لا يصبح هذا مناقضا لارشادها الي الدعاء بالمعافاه و انما ارشدها الاروع .

وقال الابى (9/39) :

وهذا الاعتراض من نحو ما تقدم كقول من قال ” افلا ندع العمل ؟ ” حين اخبرهم صلي الله علية و سلم ان الله سبحانة و تعالي قضي بالسعاده و الشقاء مع انه صلي الله علية و سلم انما ارشدها الي الاروع و لا شك ان الدعاء بالمعافاه من النار اروع من الدعاء بالزياده فالعمر .

قال الامام الحافظ ابى العباس احمد القرطبى فالمفهم لما اشكل من تلخيص مسلم (6/681) :

اورد بعض علمائنا علي ذلك سؤالا فقال : ما معني صرفة لها عن الدعاء بطول الاجل و حضة لها علي العياذ من عذاب القبر و جميع هذا مقدر لا يدفعة احد و لا يردة اسباب ؟

الجواب :

انة صلي الله علية و سلم لم ينهها عن الاول و انما ارشدها الي ما هو اولي و اروع و وجة ان الثاني اولي و اروع انه قيام بعباده الاستعاذه من عذاب النار و القبر فانة ربما تعبدنا فيها فغير ما حديث و لم يتعبدنا بشيء من القسم الذي دعت هى بة فافترقا ، و كذلك : فان التعوذ من عذاب القبر و النار تذكير بهما فيخافهما المؤمن فيحذرهما و يتقيهما فيجعل من المتقين الفائزين بخيرى الدنيا و الاخره . اه

قال تقى العثمانى عن ما ذهب الية النووى و غيرة فالتفريق بين نهية صلي الله علية و سلم ان الدعاء بالاستعاذه من عذاب القبر و قال انه عباده بخلاف الدعاء بطول الاجل قال (5-6/257) :

قلت : فية نظر !! لان الدعاء عباده فكل حال حتي و ان كان للاغراض الدنيويه و لكن الاقوى ان يقال :

الوقايه من عذاب النار مقصود بنفسة بخلاف طول الاجل او يقال : ان الدعاء للاغراض الاخرويه اروع لان فية اجرا باعتبار فعل الدعاء و باعتبار المدعو بة جميعا، بخلاف الدعاء للاغراض الدنيويه فانة موجب للاجر باعتبار فعل الدعاء فقط لا باعتبار المدعو بة بعدها انه صلي الله علية و سلم لم ينهها عن الدعاء بطول الاجل و انما ذكر ان الدعاء للوقايه من العذاب خير و اروع . اة .

وقال ابن بطال فشرح علي البخارى عند حديث انس و دعاء النبى صلي الله علية و سلم له (10/106) :

فان قيل : فما معني دعائة له بطول العمر و ربما علم علية الصلاه و السلام ان الاجال لا يزاد بها و لا ينقص منها علي ما كتب فبطن امة ؟

قيل : معني هذا و الله اعلم انه تعالي يكتب اجل عبدة ان اطاع الله و اتقاة فيصبح عمرة لمدة هكذا فان لم يطع الله و عصاة كان اجلة اقل منها و يدل علي صحه هذا قولة تعالي : { و يؤخركم الي اجل مسمي } يريد اجلا ربما قضي بة لكن ان اطعتم، فان عصيتم لم يؤخركم الي هذا الاجل و جميع ربما سبق فعلم الله مقدار اجلة علي ما يصبح من فعلة .

وسئل الامام ابن باز فالفتاوي (8/425) :

هل يجوز الدعاء بطول العمر ام ان العمر مقدر و لا فوائد من الدعاء بطولة ؟

قال رحمة الله : لا حرج فذلك ، و الاروع ان يقيدة بما ينفع المدعو له ، كان يقول : اطال الله عمرك فطاعه الله او فالخير او فيما يرضى الله ، و معلوم ان الدعاء لا يخالف القدر بل هو من القدر كالادويه و الرقي و نحو هذا . و جميع الاسباب التي لا تخالف شرع الله فهى كلها من القدر و قدر الله ما ض فحق المريض و الصحيح و من دعى له و من لم يدع له لكن الله سبحانة امر بالاسباب المشحلوه و المباحه و رتب عليها ما يشاء سبحانة و جميع هذا من قدر الله و الله و لى التوفيق .

وسئل العلامه ابن عثيمين فالفتاوي (3/71) :

ما حكم قول : ” اطال الله بقاءك ” طال عمرك ؟

قال رحمة الله : لا ينبغى القول بطول البقاء لان طول البقاء ربما يصبح خيرا و ربما يصبح شرا فان شر الناس من طال عمرة و ساء عملة و علي ذلك فلو قال : اطال الله بقاءك علي طاعتة و نحوة فلا باس بذلك .

قال الشيخ بكر ابو زيد رحمة الله فتصحيح الدعاء ص 326 : كرة الامام احمد ذلك الدعاء “ابقاك الله و قال : ذلك شيء ربما فرغ منة . و فمعناة ما بعدة ، و الصحيح عدم الكراهه لورود الثاني : ( اطال الله بقاءك ) بالاثر عن عمر رضى الله عنة و من ترك هذة الالفاظ علي سبيل التوقى فذاك و الله اعلم .

خلاصه البحث :

انة لا حرج بالدعاء بطول العمر لحديث انس ، و انه بابى هو و امى صلي الله علية و سلم لم ينة ام حبيبه رضى الله عنها عن الدعاء بطول الاجل و انما ارشدها الي الاروع و الاروع ان يقيد ذلك الدعاء بالطاعه للحديث الذي صححة الالبانى فالسلسله الصحيحه برقم (1836) عن عبدالله بن بسر المازنى قال : جاء اعرابيان الي رسول الله صلي الله علية و سلم فقال احدهما : يا رسول الله ! اي الناس خير ؟ قال ” طوبي لمن طال عمرة ، و حسن عملة …. الحديث و لان رجلا جاء الي النبى صلي الله علية و سلم فقال : يا رسول الله اي الناس خير ؟ قال ” من طال عمرة و حسن عملة ” قال : فاى الناس شر ؟ قال ” من طال عمرة و ساء عملة ” رواة احمد و الترمذى و صححة الالبانى فصحيح الترمذى (2330) ، و لما رواة احمد (1/136) و النسائي فعمل اليوم و الليلة(10674) و حسنة الالبانى فالصحيحه (654) من حديث عبدالله بن شداد : ان نفرا من بنى عذره ثلاثه اتوا النبى صلي الله علية و سلم فاسلموا ، قال : فقال النبى صلي الله علية و سلم ( من يكفينيهم ؟) قال طلحه : انا ، قال : فكانوا عند طلحه فبعث النبى صلي الله علية و سلم بعثا فخرج فية احدهم فاستشهد ، قال : بعدها بعث احدث ، فخرج فية احدهم فاستشهد ، قال : بعدها ما ت الثالث علي فراشة . قال طلحه : فرايت هؤلاء الثلاثه الذين كانوا عندى فالجنه ، فرايت الميت علي فراشة امامهم ، و رايت الذي استشهد اخيرا يلية و رايت الذي استشهد اولهم اخرهم ، قال : فدخلنى من هذا ، قال : فاتيت النبى صلي الله علية و سلم فذكرت هذا له قال : فقال رسول الله صلي الله علية و سلم (ما انكرت من هذا ، ليس اروع عند الله من مؤمن يعمر فالاسلام يكثر ت كبار و تسبيحة و تهليلة و تحميده) .

والله اعلم و صلي الله و سلم علي نبينا محمد و علي الة و صحبة اجمعين .



  • دعاء للوالدين بطول العمر
  • دعاء لابي بطول العمر
  • ادعية مستجابة لطول العمر
  • الدعاء بطول العمر مستجاب
  • الدعاء بطول العمر وحسن العمل
  • دعاء لجدتي بطول العمر
  • دعاء للاب بطول العمر
  • دعاء طول العمر
  • صور دعاء بطول العمر
  • دعاء بطول العمر


الدعاء بطول العمر