اسرار استجابة الدعاء



سؤال طالما تفكرت فيه: لماذا لا يستجاب دعاؤنا مع ان الله تعالي ربما تعهد باستجابه الدعاء، و بدات رحله من التدبر فايات القران الكريم، و كانت هذة المقالة…


يقول تعالي فمحكم الذكر يخاطب حبيبة محمدا صلي الله علية و سلم: {واذا سالك عبادى عنى فانى قريب اجيب دعوه الداع اذا دعان فليستجيبوا لى و ليؤمنوا بى لعلهم يرشدون}.. [البقره : 186]. و ذلك يدل علي ان الله قريب منا يسمع دعاءنا و يستجيب لنا. و لكن الذي لفت انتباهى ان الله يجيب الدعاء فكيف نستجيب له تعالى: {فليستجيبوا لي} و هل هو بحاجه لاستجابتنا؟!


من هنا نستطيع ان نستنبط ان الله يدعونا الي حاجات و يجب علينا ان نستجيب له، و بالتالي اذا استجبنا للة سوف يستجيب لنا الله. فما هى الحاجات التي يجب ان نعملها حتي يستجاب دعاؤنا؟


اذا تاملنا دعاء الانبياء و الصالحين فالقران نلاحظ ان الله ربما استجاب جميع الدعاء و لم يخذل احدا من عباده، فما هو السر؟ لنلجا الي سوره الانبياء و نتامل دعاء انبياء الله عليهم السلام، و كيف استجاب لهم الله سبحانة و تعالى.


هذا هو سيدنا نوح علية السلام يدعو ربة ان ينجية من ظلم قومه، يقول تعالى: {ونوحا اذ نادي من قبل فاستجبنا له فنجيناة و اهلة من الكرب العظيم}.. [الانبياء : 76]. و هنا نلاحظ ان الاستجابه تاتى مباشره بعد الدعاء.


وياتى من بعدة سيدنا ايوب علية السلام بعد ان انهكة المرض فيدعو الله ان يشفيه، يقول تعالى: {وايوب اذ نادي ربة انى مسنى الضر و انت ارحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما بة من ضر و اتيناة اهلة و مثلهم معهم رحمه من عندنا و ذكري للعابدين} [الانبياء : 83-84]. و هنا نجد ان الاستجابه تاتى علي الفور فيكشف الله المرض عن ايوب علية السلام.


ثم ينتقل الدعاء الي مرحله صعبه جدا جدا عندما كان سيدنا يونس فبطن الحوت! فماذا فعل و كيف دعا الله و هل استجاب الله تعالي دعاءه؟ يقول تعالى: {وذا النون اذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر علية فنادي فالظلمات ان لا الة الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين * فاستجبنا له و نجيناة من الغم و ايضا ننجى المؤمنين}.. [الانبياء : 87-88]. اذن جاءت الاستجابه لتنقذ سيدنا يونس من ذلك الموقف الصعب و هو فظلمات متعددة: ظلام اعماق البحر و ظلام بطن الحوت و ظلام الليل.


اما سيدنا زكريا فقد كان دعاؤة مختلفا، فلم يكن يعانى من مرض او شده او ظلم، بل كان يريد و لدا تقر بة عينه، فدعا الله: {وزكريا اذ نادي ربة رب لا تذرنى فردا و انت خير الوارثين * فاستجبنا له و وهبنا له يحيي و اصلحنا له زوجه}.. [الانبياء: 89-90]. و ربما استجاب الله دعاءة مع العلم انه كان كبير السن و لا ينجب الاطفال، و كانت زوجتة كذلك كبيره السن. و لكن الله قادر علي جميع شيء.


والسؤال الذي طرحته: ما هو سر هذة الاستجابه السريعه لانبياء الله، و نحن ندعو الله فعديد من الحاجات فلا يستجاب لنا؟ لقد اخذ منى ذلك السؤال تفكيرا طويلا، و بعد بحث فسور القران و جدت الجواب الشافى فسوره الانبياء ذاتها.


فبعدما ذكر الله تعالي دعاء انبيائة و استجابتة لهم، قال عنهم: {انهم كانوا يسارعون فالخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين}.. [الانبياء : 90]. و سبحان الله! ما اسهل الاجابه عن اي سؤال بشرط ان نتدبر القران، و سوف نجد جوابا لكل ما نريد.


ومن هذة الايه الكريمه نستطيع ان نستنتج ان السر فاستجابه الدعاء هو ان هؤلاء الانبياء ربما حققوا ثلاثه شروط و هي:


1- المسارعه فالخيرات:


الخطوه الاولي علي طريق الدعاء المستجاب هى الاسراع للخير: {انهم كانوا يسارعون فالخيرات}: فهم لا ينتظرون احدا حتي يدعوهم لفعل الخير، بل كانوا يذهبون بانفسهم لفعل الخير، بل يسارعون، و هذة صيغه مبالغه للدلاله علي شده سرعتهم ففعل اي عمل يرضى الله تعالى. و سبحان الله، اين نحن الان من هؤلاء؟


كم من المؤمنين يملكون الاموال و لكننا لا نجد احدا منهم يذهب الي فقير، بل ينتظر حتي ياتى الفقير او المحتاج و ربما يعطية او لا يعطية – الا من رحم الله. و كم من الدعاه الي الله يحتاجون الي قليل من المال للانفاق علي دعوتهم لله، و لا تكاد تجد من يدعمهم او يعطيهم القليل، و الله تعالي ينادينا جميعا فيقول: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفة له اضعافا كثيره و الله يقبض و يبسط و الية ترجعون}.. [البقره : 245].


ليسال جميع و احد منا نفسه: كم مره فحياتى ذهبت و اسرعت عندما علمت بان هناك من يحتاج لمساعدتى فساعدتة حسب ما استطيع؟ كم مره سارعت الي انسان ضال عن سبيل الله فنبهته، و دعوتة للصلاه او ترك المنكرات؟ بل كم مره فحياتى تركت الدنيا و لهوها قليلا، و اسرعت فجلست مع كتاب الله اتلوة و احاول ان احفظه؟؟


فاذا لم تقدم شيئا للة فكيف يقدم لك الله ما تريد؟ اذن فعل الخير اهم من الدعاء نفسه، لان الله تعالي قدم ذكر المسارعه فالخير علي ذكر الدعاء فقال: {انهم كانوا يسارعون فالخيرات و يدعوننا}.


2- الدعاء بطمع و خوف:


الخطوه الثانيه هى الدعاء، و لكن كيف ندعو: {ويدعوننا رغبا و رهبا}. الرغب اي الرغبه بما عند الله من النعيم، و الرهب هو الرهبه و الخوف من عذاب الله تعالى. اذن ينبغى ان يصبح دعاؤنا موجها الي الله تعالي برغبه شديده و خوف شديد.


وهنا اسالك اخى القارئ: عندما تدعو الله تعالى، هل تلاحظ ان قلبك يتوجة الي الله و انك حريص علي رضا الله مهما كانت النتيجة، ام ان قلبك متوجة نحو حاجتك التي تطلبها؟! و ذلك سر من اسرار استجابه الدعاء.


عندما ندعو الله تعالي و نطلب منة شيئا فهل نتذكر الجنه و النار مثلا؟ هل نتذكر خلال الدعاء ان الله قادر علي استجابه دعائنا و انه لا يعجزة شيء فالارض و لا فالسماء؟ بل هل نتذكر و نحن نسال الله امرا، ان الله اكبر من ذلك الامر، ام اننا نركز جميع انتباهنا فالشيء الذي نريدة و نرجوة من الله؟


لذا لا نجد احدا من الانبياء يطلب شيئا من الله الا و يتذكر قدره الله و رحمتة و عظمتة فهذا الموقف. فسيدنا ايوب بعدما سال الله الشفاء قال: {وانت ارحم الراحمين}، و سيدنا يونس و الذي سماة القران (ذا النون) و النون هو الحوت، الغريب فدعاء ذلك النبى الكريم علية السلام انه لم يطلب من الله شيئا!! بل جميع ما فعلة هو الاعتراف امام الله بشيئين: الاول انه اعترف بوحدانيه الله و عظمتة فقال: {لا الة الا انت سبحانك}، و الثاني انه اعترف بانة ربما ظلم نفسة عندما ترك قومة و غضب منهم و توجة الي السفينه و لم يستاذن الله فهذا العمل، فاعترف للة فقال: {انى كنت من الظالمين}.


وهذا هو شان كل الانبياء انهم يتوجهون بدعائهم الي الله و يتذكرون عظمه الله و قدرتة و يتذكرون ذنوبهم و ضعفهم امام الله تبارك و تعالى.


3- الخشوع للة تعالى:


والامر الثالث هو ان تكون ذليلا امام الله و خاشعا له خلال دعائك، و الخشوع هو الخوف: {وكانوا لنا خاشعين}. و ذلك سر مهم من اسرار استجابه الدعاء، فبقدر ما تكون خاشعا للة تكن دعوتك مستجابة. و الخشوع لا يقتصر علي الدعاء، بل يجب ان تسال نفسك: هل انت تخشع للة فصلاتك؟ و هل انت تخاف الله خلال كسب الرزق فلا تاكل حراما؟ و هنا ندرك لماذا اكد النبى الكريم علي ان يصبح المؤمن طيب المطعم و المشرب ليصبح مستجاب الدعوة.


هل فكرت ذات يوم ان تعفو عن انسان اساء اليك؟ هل فكرت ان تصبر علي اذي احد ابتغاء و جة الله؟ هل فكرت ان تسال نفسك ما هى الحاجات التي يحبها الله حتي اعملها لاتقرب من الله و اكون من عبادة الخاشعين؟


هذة اسئله ينبغى ان نطرحها و نفكر فيها، و نعمل علي ان نكون قريبين من الله و ان تكون جميع اعمالنا و جميع حركاتنا بل و تفكيرنا و احاسيسنا ابتغاء و جة الله لا نريد شيئا من الدنيا الا مرضاه الله سبحانه، و هل يوجد شيء فهذة الدنيا احلى من ان يصبح الله ربما رضى عنك؟


واخيرا اخى الكريم! هل ستسارع من هذة اللحظه الي فعل الخيرات؟ و هل ستتوجة الي الله بدعائك باخلاص، تدعوة و انت موقن بالاجابة، و ترغب بما عندة و تخاف من عذابه؟ و هل سيخشع قلبك امام كلام الله تعالى، و فدعائك، و هل ستخاف الله فجميع اعمالك؟


اذا قررت ان تبدا منذ الان بتطبيق ذلك الدرس العملى فاننى اخبرك و اؤكد لك بان الله سيستجيب دعاءك، و ذلك الكلام عن تجربه مررت فيها قبلك، و كان من نتائجها ان اكرمنى الله باكثر مما اساله، و اعلم اخيرا ان الدعوه التي لم تستجب لك فالدنيا، انما يؤخرها الله ليستجيبها لك فالاخره عندما تكون بامس الحاجه لاى شيء فذلك اليوم، او ان الله سيصرف عنك من البلاء و الشر و السوء ما لا تعلمة بقدر ذلك الدعاء.


وندعو بدعاء المتقين الذين حدثنا القران عنهم: {ربنا اننا سمعنا مناديا ينادى للايمان ان امنوا بربكم فامنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الابرار * ربنا و اتنا ما و عدتنا علي رسلك و لا تخزنا يوم القيامه انك لا تخلف الميعاد}.. [ال عمران : 193-194].

  • دعاء فيهو اسرار
  • ما هي أسرار فليستجيبوا لي

اسرار استجابة الدعاء