حكم الدعاء على النفس بالموت

الحديث الاول : انما الاعمال بالنيات

الاربعين النوويه ، شرح الاربعين النوويه ، الاربعين النوويه مع شرحها


الحديث

عن امير المؤمنين ابى حفص عمر بن الخطاب رضى الله عنة ، قال : سمعت رسول الله صلي الله علية و سلم يقول : ( انما الاعمال بالنيات ، و انما لكل امريء ما نوي ، فمن كانت هجرتة الي الله و رسولة ، فهجرتة الي الله و رسولة ، و من كانت هجرتة لدنيا يصيبها ، او امراه ينكحها ، فهجرتة الي ما هاجر الية ) . رواة البخارى و مسلم فصحيحهما .

الشرح

لقد نال ذلك الحديث النصيب الاوفر من اهتمام علماء الحديث ؛ و هذا لاشتمالة علي قواعد عظيمه من قواعد الدين ، حتي ان بعض العلماء جعل مدار الدين علي حديثين : ذلك الحديث ، بالاضافه الي حديث عائشه رضى الله عنها : ( من عمل عملا ليس علية امرنا فهو رد ) ؛ و وجة هذا : ان الحديث السابق ميزان للاعمال الظاهره ، و حديث الباب ميزان للاعمال الباطنه .

والنيه فاللغه : هى القصد و الاراده ، فيتبين من هذا ان النيه من اعمال القلوب ، فلا يشرع النطق فيها ؛ فان النبى صلي الله علية و سلم لم يكن يتلفظ بالنيه فالعباده ، اما قول الحاج : ” لبيك اللهم حجا ” فليس نطقا بالنيه ، لكنة اشعار بالدخول فالنسك ، بمعني ان التلبيه فالحج بمنزله التكبير فالصلاه ، و مما يدل علي هذا انه لو حج و لم يتلفظ بذلك صح حجة عند جمهور اهل العلم .

وللنيه فائدتان : اولا : تمييز العبادات عن بعضها ، و هذا كتمييز الصدقه عن قضاء الدين ، و صيام النافله عن صيام الفريضه ، ثانيا : تمييز العبادات عن العادات ، فمثلا : ربما يغتسل الرجل و يقصد بة غسل الجنابه ، فيصبح ذلك الغسل عباده يثاب عليها العبد ، اما اذا اغتسل و اراد بة التبرد من الحر ، فهنا يصبح الغسل عاده ، فلا يثاب علية ، و لذا استنبط العلماء من ذلك الحديث قاعده مهمه و هى قولهم : ” الامور بمقاصدها ” ، و هذة القاعده تدخل فجميع ابواب الفقة .

وفى صدر ذلك الحديث ابتدا النبى صلي الله علية و سلم بقولة : ( انما الاعمال بالنيات ) ، اي : انه ما من عمل الا و له نيه ، فالانسان المكلف لا يمكنة ان يعمل عملا باختيارة ، و يصبح ذلك العمل من غير نيه ، و من اثناء ما سبق يمكننا ان نرد علي اولئك الذين ابتلاهم الله بالوسواس فيكررون العمل عده مرات و يوهمهم الشيطان انهم لم ينووا شيئا ، فنطمئنهم انه لا ممكن ان يقع منهم عمل باختيارهم من غير نيه ، ما داموا مكلفين غير مجبرين علي فعلهم .

ويستفاد من قولة صلي الله علية و سلم : ( و انما لكل امريء ما نوي ) و جوب الاخلاص للة تعالي فجميع الاعمال ؛ لانة اخبر انه لا يخلص للعبد من عملة الا ما نوي ، فان نوي فعملة الله و الدار الاخره ، كتب الله له ثواب عملة ، و اجزل له العطاء ، و ان اراد بة السمعه و الرياء ، فقد حبط عملة ، و كتب علية و زرة ، كما يقول الله عزوجل فمحكم كتابة : { فمن كان يرجو لقاء ربة فليعمل عملا صالحا و لا يشرك بعباده ربة احدا } ( الكهف : 110 ) .

وبذلك يتبين انه يجب علي الانسان العاقل ان يجعل همة الاخره فالامور كلها ، و يتعهد قلبة و يحذر من الرياء او الشرك الاصغر ، يقول النبى صلي الله علية و سلم مشيرا الي هذا : ( من كانت الدنيا همة ، فرق الله علية امرة ، و جعل فقرة بين عينية ، و لم ياتة من الدنيا الا ما كتب له ، و من كانت الاخره نيتة ، جمع الله له امرة ، و جعل غناة فقلبة ، و اتتة الدنيا و هى راغمه ) رواة ابن ما جه .

ومن عظيم امر النيه انه ربما يبلغ العبد منازل الابرار ، و يكتب له ثواب اعمال عظيمه لم يعملها ، و هذا بالنيه ، كما ثبت عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال لما رجع من غزوه تبوك : ( ان بالمدينه اقواما ما سرتم مسيرا ، و لا قطعتم و اديا ، الا كانوا معكم ، قالوا يا رسول الله : و هم بالمدينه ؟ قال : و هم بالمدينه ، حبسهم العذر ) رواة البخارى .

و لما كان قبول الاعمال مرتبطا بقضيه الاخلاص ، ساق النبى صلي الله علية و سلم مثلا ليوضح الصوره اكثر ، فقال : ( فمن كانت هجرتة الي الله و رسولة ، فهجرتة الي الله و رسولة ، و من كانت هجرتة لدنيا يصيبها ، او امراه ينكحها ، فهجرتة الي ما هاجر الية ) ، و اصل الهجره : الانتقال من دار الكفر الي دار الاسلام ، او من دار المعصيه الي دار الصلاح ، و هذة الهجره لا تنقطع ابدا ما بقيت التوبه ؛ فقد و رد عن النبى صلي الله علية و سلم انه قال : ( لا تنقطع الهجره حتي تنقطع التوبه و لا تنقطع التوبه حتي تطلع الشمس من مغربها ) رواة الامام احمد فمسندة و ابوداود و النسائي فالسنن ، و ربما يستشكل البعض ما و رد فالحديث السابق ؛ حيث يظن ان هنالك تعارضا بين ذلك الحديث و قولة صلي الله علية و سلم : ( لا هجره بعد الفتح ) كما ف” الصحيحين ” ، و الجواب عن هذا : ان المراد بالهجره فالحديث الاخير معني مخصوص ؛ و هو : انقطاع الهجره من مكه ، فقد اصبحت دار الاسلام ، فلا هجره منها .

علي ان اطلاق الهجره فالشرع يراد بة احد امور ثلاثه : هجر المكان ، و هجر العمل ، و هجر العامل ، اما هجر المكان : فهو الانتقال من دار الكفر الي دار الايمان ، و اما هجر العمل : فمعناة ان يهجر المسلم جميع نوعيات الشرك و المعاصى ، كما جاء فالحديث النبوى : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانة و يدة ، و المهاجر من هجر ما نهي الله عنة ) متفق علية ، و المقصود من هجر العامل : هجران اهل البدع و المعاصى ، و هذا مشروط بان تتحقق المصلحه من هجرهم ، فيتركوا ما كانوا علية من الذنوب و المعاصى ، اما ان كان الهجر لا ينفع ، و لم تتحقق المصلحه المرجوه منة ، فانة يصبح محرما .

ومما يلاحظ فالحديث ان النبى صلي الله علية و سلم ربما خص المراه بالذكر من بين الدنيا فقولة : ( او امراه ينكحها ) ، بالرغم من انها داخله فعموم الدنيا ؛ و هذا زياده فالتحذير من فتنه النساء ؛ لان الافتتان بهن اشد ، مصداقا للحديث النبوى : ( ما تركت بعدى فتنه اضر علي الرجال من النساء ) متفق علية ، و فقولة : ( فهجرتة الي ما هاجر الية ) ، لم يذكر ما ارادة من الدنيا او المراه ، و عبر عنة بالضمير فقولة : ( ما هاجر الية ) ، و هذا تحقيرا لما ارادة من امر الدنيا و استهانه بة و استصغارا لشانة ، حيث لم يذكرة بلفظة .

ومما يستفاد من ذلك الحديث – علاوه علي ما تقدم – : ان علي الداعيه الناجح ان يضرب الامثال لبيان و ايضاح الحق الذي يحملة للناس ؛ و هذا لان النفس البشريه جبلت علي محبه سماع القصص و الامثال ، فالفكره مع المثل تطرق السمع ، و تدخل الي القلب من غير استئذان ، و بالتالي تترك اثرها فية ، لذا كثر استعمالها فالكتاب و السنه ، نسال الله تعالي ان يرزقنا الاخلاص فالقول و العمل ، و الحمد للة رب العالمين.

 



  • الدعاء علي النفس بالموت
  • ما حكم الدعاء على انسان لأنه ظلمنا
  • الدعاء بالموت
  • حكم الدعاء بالموت
  • حكم الدعاء على النفس
  • صور دعاء على النفس


حكم الدعاء على النفس بالموت